إيجابيات تتسارع

تمثل التطور البارز في هذا العام في إدخال مؤشر SF30 للعقود الآجلة، والذي تم بناؤه على مؤشر أم أس سي آي – أم تي 30 ليكون بمثابة أداة تداول وتحوط من شأنها أن تُمكن المستثمرين من حماية قيمة محافظهم.

الصورة العامة

أقدم لكم من خلال هذا التقرير لعام 2020م، خلفيةً موجزة لعام ظل العالم بأسره يعاني خلاله من الركود والأزمات الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة، نتيجةً لتداعيات جائحة كوفيد-19، حيث اضطرت دولٌ كثيرة لفرض عمليات الإغلاق وحظر التجول، كما توقفت عملياً صناعات السفر والسياحة والترفيه. في هذا السياق، تشير التقديرات إلى انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة 3.5%، وفي منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بنسبة 3.2%، وقد عانت جميع الاقتصادات العالمية الرئيسية من الركود باستثناء الصين.

لقد تعرضت الحكومات في جميع أنحاء العالم ونتيجةً لهذه الظروف الصعبة، لضغوط مالية هائلة لتوفير تدابير الإغاثة والرعاية الطبية، كما واجه الاقتصاد السعودي وكذلك اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تحديات كبيرة زاد من صعوبتها انخفاض أسعار النفط والإنتاج، ليسجل الناتج المحلي الإجمالي السعودي انكماشاً بحوالي 4%.

إنجازات.. رغم العقبات

وبالرغم من ذلك، أشعر بالفخر والاعتزاز حينما استعرض بعض الملامح الرئيسية للأداء الرائع لتداول خلال عام 2020م، حيث سجل المتوسط اليومي للقيمة المتداولة وإجمالي عدد المعاملات وعدد الأسهم المتداولة نمواً بنسبة تزيد عن %100، كما سجل مؤشر تاسي والقيمة السوقية نمواً. في ذات السياق، حوفظ على مستويات سيولة جيدة. إضافةً إلى ذلك، اكتملت الانتهاء من المرحلة الخامسة والأخيرة من الانضمام إلى مؤشر الأسواق الناشئة فوتسي راسل، والذي يُعد تتويجاً لعملية الانضمام إلى ثلاث مؤشرات عالمية رائدة للأسواق الناشئة التي بدأت في العام 2018م.

ومن ضمن التطورات البارزة هو إدخال مؤشر SF30 للعقود الآجلة، والذي تم بناؤه على مؤشر MSCI MT30، والذي يُعتبر بمثابة أداة تداول وتحوط من شأنها تمكين المستثمرين من حماية قيمة محفظتهم. الأمر الذي يُعد مفيداً وبشكل خاص للمستثمرين المؤسساتيين الذين يفضلون تجنب التقلبات في السوق. من جانبٍ آخر، تم تعديل الحد الأدنى لسعر الصفقات المتفاوض عليها، مع وضع نظام أكثر مرونة يأخذ في الاعتبار معدلات السيولة، كما شهد سوق الدَّين تطوراً كبيراً مع إطلاق مؤشرين مرتبطين، يُمثلان مؤشراً على أداء الصكوك والسندات السعودية، وكذلك قيمة كبيرة لمديري المحافظ بما يمكنهم من تقييم قيمة تلك المحافظ والمخاطر.

كما نفذت تغييرات كبيرة في السوق الموازية ”نمو” حيث خفض الحد الأدنى لقيمة الصفقات المتفاوض عليها بشكل كبير، كما ألغي سقف عمولة السمسرة لمنح الأعضاء مساحةً أكبر لتقديم خدمات ذات قيمة مضافة للعملاء، كما تمت مؤشر ”نمو” لتحديد أوزان كل مُصدر.

الصورة المالية

يسعدني الإشارة إلى أنه على الرغم من الظروف المعاكسة، إلا أن تداول قد حققت أداءً مالياً قوياً، حيث سجلت الإيرادات التشغيلية زيادة بنسبة 91.3% مقارنة بعام 2019م، مدفوعة بارتفاع أحجام قيمة التداول. ومع بداية الأزمة، تم تطبيق آلية لضبط التكاليف وتحسين التكلفة والتي أثمرت عن نتائج متميزة، حيث بلغت الزيادة في تكلفة التشغيل عن العام السابق 9.3% فقط مما يعكس زيادة الكفاءة، وقد أدى هذا إلى جانب الزيادة في الإيرادات التشغيلية، إلى زيادة بنسبة 203% في إجمالي الربح، كما تراجعت المصاريف العمومية والإدارية بنحو 8%، والتي تضاعفت مع زيادة الإيرادات التشغيلية، مما أدى إلى زيادة أرباح التشغيل بأكثر من 10 أضعاف. على الجانب الآخر، انخفض دخل الاستثمار بشكلٍ حاد بسبب انخفاض أسعار الفائدة. ومع ذلك، فقد تمكنت تداول، من خلال العوامل الإيجابية الأخرى، من تحقيق زيادة بنسبة 227% في صافي الربح بعد الزكاة.

لقد واجهت عمليات الموارد البشرية عقبات كبيرة خلال عام 2020م، مما أوجب إعادة تصميم أساليب عمل الموظفين لتيسير العمل عن بعد.

دور التقنية

وخلال عام 2020م، حققت إدارة العمليات وتقنية المعلومات العديد من الإنجازات. ونتيجةً لتداعيات الجائحة والطلبات المتزايدة للعمل عن بُعد، كان لابد من التعامل مع الطلبات غير المتوقعة. و على الرغم من ذلك، تحققت جميع الأهداف المخطط لها في الموعد المحدد، كما نفذت العديد من المشاريع الكبرى بالتوازي مع إطلاق سوق المشتقات، ومركز بيانات تداول الجديد، وبرنامج ما بعد التداول. كما أجريت تحسينات كبيرة في مجال المعلومات وتحليلات البيانات التي ساهمت بشكل كبير في تعزيز كفاءة السوق. هذا، وقد تم تقديم مؤشر الصكوك وإجراء التغييرات المناسبة على موقع تداول وتطبيق الهاتف المحمول لعرض المعلومات الإضافية اللازمة و تلبية جميع المتطلبات، مع ضمان توفر النظام التقني وتحقيق أفضل مستويات الأداء والخدمات.

العامل البشري

ترتكز استراتيجيتنا للموارد البشرية على ثلاث ركائز تتمثل في التوجيه والتحفيز والقيادة، حيث نؤكد من جانبنا على التواصل الواضح فيما يتعلق بالاتجاه والرؤية، بما يُساهم في تعزيز التفاهم بين الموظفين ويساعدهم على تحديد أهدافهم وتطلعاتهم الخاصة. في هذا السياق، قامت تداول بتطبيق نظام لإدارة وتقييم الأداء يتسم بالشفافية المطلقة، حيث نهدف إلى تغيير أسلوب القيادة من الأسلوب التنازلي إلى أسلوب يتسم بدرجةٍ أكبر من المشاركة والتفاعل.

ونظراً للظروف التي صاحبت انتشار الجائحة، فقد كانت هناك العديد من العقبات التي أعاقت مهام الموارد البشرية خلال عام 2020م، وبالتالي كان لابد من إعادة هندسة أساليب عمل الموظفين لتسهيل العمل عن بعد. وحيث لم تعد الاجتماعات الفعلية ممكنة، كان من الضروري إجراء الاجتماعات الداخلية والخارجية من خلال الوسائط الافتراضية.

وقد قمنا في هذا المجال بتسهيل التفاعل بين الموظفين بعضهم البعض وبين الإدارة والموظفين من خلال الاجتماعات الافتراضية، حيث تمثلت الخطوة المبتكرة في هذا الاتجاه في عقد اجتماعين مفتوحين مع جميع الموظفين وكل من الرئيس التنفيذي وجميع أعضاء الفريق التنفيذي. كما أجريت دراسة استقصائية لتقييم قبول الموظفين لترتيبات العمل الجديدة، حيث أظهرت النتائج موافقة الغالبية العظمى على هذه التغييرات والترتيبات الجديدة.

الختام

وحينما نتأمل ما حققناه من منجزاتٍ في عام مضطرب قد مضى وتركناه خلفنا، فإننا نتطلع بثقةٍ أكبر إلى المستقبل. لقد أثبتت تداول وبشكل عملي، ما تتميز به من مرونة في أعمالها خاصةً بعد المرور في عام 2020م بتجربةٍ تعليمية حافلةٍ بالدروس المستفادة. ومع الانطلاق إلى المستقبل المشرق بإذن الله، تتوفر للسوق المزيد من فرص النجاح والازدهار، والتي تتمثل في الموارد البشرية، ونظم المعلومات والعمليات، والحوكمة والتي تلعب جميعها دوراً حيوياً و تُشكل دعماً لا غنى عنه.

وفي الختام، أتقدم بوافر الشكر والتقدير لسعادة رئيس مجلس الإدارة وأصحاب السعادة أعضاء المجلس الموقر، على توجيهاتهم ودعمهم المتواصل، مُعبراً في نفس الوقت، عن اعتزازي بكوادرنا البشرية وما تتميز به من الكفاءة والتفاني والالتزام، الأمر الذي مكننا - ولله الحمد - ليس فقط من تجاوز عام مضطرب حافلٍ بالصعوبات والتحديات الجسام، وإنما أيضاً تحقيق نجاحاتٍ ومنجزاتٍ نفخر و نعتز بها على الدوام.

والله الموفق.

المهندس خالد بن عبدالله الحصان
الرئيس التنفيذي